السبت، 3 ديسمبر 2011

لا تفكر



دفاعًا عن المهضومين في الأرض

هنالك اعتقاد سائد بأن البشر هم الجنس الأرقى. نحن فعلا أكثر تطورا في مجالات معينة ولكننا أقل في مجالات أخرى، كالجري والطيران والسباحة وحدة الحواس وغيرها... لكن لنفترض أننا حقا سوبر كائنات، هل يعطينا هذا التميّز الحق بظلم الأنواع الأخرى؟ أعتقد أننا إذا كنا نرفض العنصرية، فعلينا أن نرفضها على جميع أشكالها، وإلا يصبح رفضنا نفاقًا.


التمييز النوعي هو شكل من أشكال العنصرية. فيه يتم تشريع أسر واستغلال الآخر، وقتله وأكله إذا لم يكن من نوعنا. الآخر في هذه الحالة، شاءت الأقدار أن يمشي على أربع، أو له ذنب أو ريش. وفي حالة هؤلاء تصل العنصرية النوعية إلى حد الفاشية والإبادة الجماعية دون حساب. بالنسبة لنا، نحن الشعوب المتسامحة مع أكل اللحوم، النباتية هي حالة شذوذ عن دورة الحياة الطبيعية أو شرع الله، ومبالغة في المثالية الإنسانية. بينما يرى فيها النباتيون عملية ارتقاء طبيعي نحو الحد الأدنى من الإنسانية المرجوة. ارتقاء لا يتم دون الترفع عن أكل الجثث.

قد تبدو تسمية اللحوم "جثث" سخرية جارحة ومزحة ثقيلة للبعض، لكننا إذا جئنا للحق والموضوعية دون أن نحاول تلطيف الاسم لتخفيف الهضم، نجدها تسمية أدق لوصف لحم الميّت وأصدق من التسميات التجارية، مثل: شاورما، كباب، شنيتسل، سلامي أو باسترامي وما إلى ذلك من تسميات مشهية.

قد يبدو هذا المقال في غير مكانه وغير زمانه، لأن لدينا هموم أولى وأهم من الحيوانات، فنحن هنا شعوب تعاني الأمرين من الظلم والاحتلال والدكتاتورية والقيود من كل الجهات، ومن المفروض أن يرتكز جهادنا في الدفاع عن البشر المظلومين، وخاصة أبناء جلدتنا، ونترك حقوق الحيوان للمدللين في الغرب. لكنني ورغم تفهمي لهذه الهموم وتقبلي لتلك الأولويات، لا أعتقد أن هذا يعفينا تماما، من مساءلة ومحاسبة أنفسنا؛.بل على العكس. في هذا الوقت بالذات في حين نتطلع نحو حرياتنا المسلوبة ومواردنا المنهوبة ونخرج رافعين رؤوسنا في وجه ظلامنا، يجب أن ننحني وننظر إلى المظاليم تحت أقدامنا.

إننا في حال قبولنا بدور الظالم للأضعف منا، نوافق على قانون الغاب، وفيه القوي يأكل الضعيف. وبهذا نمنح الشرعية للظالم الأقوى منا. علينا البدء بمشروع تحرير من هم تحتنا في هرم القهر، وتحرير أنفسنا من الإدمان على لحومهم، إذا أردنا نضالات وثورات نزيهة وخالية من التناقضات القاتلة. لا بد أن نعتق أعناق الضعفاء من سكاكيننا، قبل أن نطالب برفع السكين عن أعناقنا.

تحرير مملكة الحيوان هو رفضنا لقانون الغاب، وهو خطوة ضرورية لتحريرنا من جلادينا. إذا رفعنا قبضتنا عن الشعوب الملتـَهَمة في قاع الهرم، نسدد ضربة مفاجئة لصاحب القبضة القابعة على رؤوسنا في الدرجة الأعلى من الهرم. إذا كان الشعب يريد إسقاط النظام، عليه أن يهز قاعدته، فيهوي رأسه. لكن الأنظمة، محصنة بسياسة عريقة لمنع تحقق هذا السيناريو، هي سياسة "لا تفكر" التي تحافظ على استقرار الطبقة السفلى، التي تحمل كل النظام المجحف على أكتافها الهزيلة. التفكير بالنسبة للأنظمة هو أمر خطير لأنه يخفض تأثير المخدِّر الجماعي ويرفع صوت الضمير.


إذا فكرنا نجد أننا في الحقيقة لا نفترس ومعظمنا لا يذبح؛ بل نغمض أعيننا عن مشهد الذبح. وربما نلمس التناقض بين تألمنا على فراق أحبائنا وبين مساهمتنا في عملية ذبح المليارات من أطفال ونساء وشيوخ الشعوب الحيوانية كل يوم، دون رحمة. لكننا نقمع مثل هذه الأفكار حال ظهورها، لأننا ذوتنا تعطيل التفكير فيما يدخل بطوننا، منذ نعومة أظفارنا؛ لكي نستهلك دون حساب.

لاحظ مثلا، أنك كلما تنبهت إلى أن قطعة الستيك التي في صحنك
 هي في الحقيقة جثة حيوان ولد ومات في الأسر بعد أن قتل بدم بارد، ستجد من يقول لك "تفكرش فيها، كل بلا ما تفكر". هذا ما تعلمناه وما نلقنه لأطفالنا حين تدفعهم براءتهم للدفاع عن القتيل. لأنهم إذا فكروا فيما يدخل أحشاءهم الناعمة، لن يأكلوا الهامبورغر بنفس اللذة. سوف ينزعون عنه اسمه الأنيق فيصبح جثة. سوف يستحضرون صورة من حياته الفانية للتو، ويتعاطفون مع الحيوان المحشور، الذي يتخبط بجدران سجنه ويستغيث، في سبيل النجاة من القتل البشع الذي يلاقيه وأصحابه من قبله.




ثقافة "لا تفكر" تجعلنا ننظر إلى ذلك العجل الصغير مبتور الرأس، معلقًا في فاترينة الجزار وفي مؤخرته بقدونس، بنظرة ملؤها الشهوة مثلما ننظر إلى كعك العيد. تعلمنا ألا نفكر بذلك، لكي لا ننتبه إلى أنه القتل لإطعام الوحوش. فندرك أننا في حالة انهيار أخلاقي ما بعده إلا الهاوية. ندرك أننا تحولنا إلى وحوش دون أن نشعر، دون أن نفكر. ونتعامل مع وحشيتنا بقمة الاعتيادية والتطبيع. لا نرى أن هناك رابط حتمي بين هذا الانهيار الأخلاقي وبين الانحدار به إلى مستوى قتل البشر، لمجرد الاختلاف أو الخلاف. هذه طبيعة الوحوش.

هذا الاستخفاف القاتل، بإنسانيتنا وبحجم جريمة قتل المحرومين من نعمة النطق، على مرأى ومأكل أطفالنا، لا يستطيع إلا أن يسهل الطريق أمام قتل الإنسان. إن الاستهلاك حتى الهلاك والعنصرية حتى الفاشية والظلم المتفشي بين البشر، كلها آفات تستند إلى مبدأ "لا تفكر" الذي يلقن به الجنود لقمع صوت ضمائرهم. من هنا فإن دفاعنا عن المهضومين في الأرض وحقهم في العيش، هو أولا دفاع عن حق وحرية التفكير وعن أخلاقيات الإنسان، المستهدفة والمشوهة لدرجة أنها تبيح قتل الآخر وأكل لحمه ميتـًا، لمجرد كونه مختلف


الفيلم الذي أنهى الفترة اللحومية في حياتي
   اكبس play وشوف للآخر، أو غمض ولا تفكر




ملاحظة نباتية: النبات قابع في الأرض ينمو فيها ويلقي بثماره عليها، لتكون طعاما يغذي أهلها ويغذيها. إذا قصدته آكلا، لا يفزع، لا يهرب ولا يقاوم. يتجدد ولا يموت.

هناك 4 تعليقات:

  1. هلء كلامك حلو كتير, بس بيبقى نظريا صح بس من الناحية العملية جسم الطفل بحاجة للبروتين الحيواني او حمض الامين و كمان ب 12 ليكتمل نموه و كمان في حالات وفاة سجلت لاطفال تم تربيتهم من قبل اهالي نباتيين, غير هيك الانسان نوع من انواع الحيوانات, في حيوانات بتتغذى على اللحم و بس و اذا فكرت مجمل الحيوانات بالتخلي عن اللحوم رح يصير في اختلال بيئي رح يزيد عدد الحيوانات بشكل كبير و يقل عدد النباتات بشكل اكبر عسيرة النباتات ليش ما مننظر للنباتات بنفس الطريقة هل السبب انو ما عندها جهاز عصبي ؟؟؟؟؟ العلم تطور و صار فيو الانسان يستنسخ اللحم بس هاد الشي مكلف جدا حاليا غير هيك ما بغير حقيقة انو الانسان بحاجة للحوم ليعيش ناهيك عن الدراسات و التجارب اللي بتم على الحيوانات لخدمة العلم و كمان غير الادوية اللي بتستخرج من اجسام الحيوانات

    ردحذف
  2. لم أدخل في الجوانب الصحية والعملية للنباتية، وإنما تمحور المقال في الجانب الفلسفي اخلاقي. لكن على كل دراسة بتجيبها حول ضرورة اللحوم والبروتين الحيواني (المسبب الأساسي للسرطان والقلب) بجيبلك 4 دراسات معاكسة. النباتية نهج حياة صحي للغاية، اذا تم بشكل واعي ومنظم.

    ردحذف
  3. بالبداية نحنا صعب علينا كثير نغير شي تعودنا نعملو .. على سبيل المثال اذا كنت تلبسي الساعة باليسار على مدى 10 سنين وبعدها عدلتيها لليمين ممكن تضلك اشهر لما حدا يسألك عن الوقت ترفعي ايدك اليسار ..
    العقل كثير صعب انو يتغير لما يتبرمج على شي محدد ..
    برمجة الانسان على اكل الجثث عمرها آلاف السنين من وقت العصر الجليدي وقت ما عاد لاقى الانسان اكل ياكلو بسبب تغيير الطقس والمناخ ..
    بعد العصر الجليدي عاد جزء كبير من الناس للفطرة بتناول النباتات بينما استمر الكثير ايضا بحكم العادة والكثافة والطبيعة القاسية عند البعض
    فعادة تناول اللحوم هي دخيلة على الانسان اعتاد عليها البعض وسببت لهم العديد من المشاكل الصحية ..
    مثال حسب كتاب لكمال جنبلاط يتحدث فيه عن منطقة في الهند تعتمد الغذاء الصحي النباتي معدل عمر الناس 100 سنة بينما لا يتجاوز في الدول الباردة حيث الطعام الرئيسي اللحوم ال 50 سنة !



    بالنسبة للتنوع احد اهم الاسباب التي تدعو لاتباع النظام النباتي هي تجنيب العالم من المجاعات ونقص الموارد ..
    حيث انتاج كل 1 غرام من لحم الخاروف يتطلب 15 لتر من الماء !
    انتاج وجبة لوم واحدة تطلب 3000 غالون ~ 15000 لتر ماء
    وغيرها الكثر
    استهلاك مساحات هائلة من المزارع لأطعام كمية قليلة من الحيوانات ليأكلها عدد قليل من الناس هو اكبر سبب للمجاعات ونقص الموارد
    الانسان المادي هو سبب اختلال التوازن في الارض .. الانسان من يقوم بانشاء المزارع بطرق غير انسانية وغير منظمة ولو توقف الناس عن تناول اللحوم بسبب الوعي لتم خفض انتاج المزارع وبالتالي زاد انتاج المحاصيل الزراعية وزادت الاراضي المتاحة القابلة للزراعة
    فعلا النباتات من الكائنات الحية وكذلك الهواء يحتوي على العديد من البكتيريا والجراثيم هل يعني هذا المنطق ان لا نتنفس !
    هل قتل الجراثيم مثل قتل الابقار والدجاج
    هل قطف التفاح مثل قتل ابن البقرة !
    هل تملك النباتات جهاز عصبي متطور ؟
    هل لديها مشاعر كما عند الانسان والحيوان !
    ومع ذلك كله الشجرة تعطي الثمار بسخاء هل تعطي البقرة ابنها ! ؟
    استطيع ان اسهر للصبح واكتب اسباب ليش الانسان لازم يكون نباتي
    بس الرغبة بالتغيير بتنبع من داخلنا لما نصحة ونقرر نشوف الحقيقة ومن دونا ما حدا بيقدر يقنعنا انو نعمل شي
    وشكرا لصدقك وصراحتك

    ردحذف
  4. الحقيقة الفيلم المرافق اوصلني للانهيار اعوذ بالله من قسوة البشر

    ردحذف