الثلاثاء، 23 يوليو 2013

التصدي لبرافر - بين التصعيد والتحشيد

التصدي لبرافر - بين التصعيد والتحشيد 

من يرى أن التصدي لمخطط برافر وباقي قضايانا، يتم بإِطلاق انتفاضة عنيفة، من شوارع ال48 مخطئ تماما. ستكون هذه مغامرة دموية لا تحمد عقباها. ضع العواطف والحماسة الشبابية جانبًا، وافتح عينيك. ستجد في الداخل شعبًا أعزل تمامًا، في مواجهة شرطة ليست من أهله وجيشًا ينتظر لحظة التفرّد فيه؛ في ظل انشغال العالم بقضايا سوريا ومصر وتركيا...

على من يدفع بالشباب نحو المواجهة الجسدية أن يعيد حساباته، أو أن يطرح استراتيجية مكتملة تشمل طرق المواجهة وجدواها والمَخرج منها. فلا يكفي أن نردد "تصعيد تصعيد" و"بالروح بالدم" دون أن نتيقّن من جدوى القرابين البشرية. يبدو لي أحيانا أننا قد نسينا الهدف الذي هو إسقاط برافر، وحولنا بعض الوسائل المتاحة إلى أهداف. صار الهدف هو المواجهة والاحتكاك الدامي، وكأننا من خلال هذا النوع من النضال يكفينا شرف البطولة وأن يصفق لنا كل من شكك يوما في وطنية فلسطينيي الداخل. 


 إن ما يقلق اسرائيل حقا ليس ايران ولا سوريا ولا حزب الله ولا حماس؛ بل إن التهديد الأكبر لوجودها هو ما تسميه بالخطر الديموغرافي.  لقد رفعت اسرائيل في العقد الأخير  خطاب الترانسفير من تحت الطاولة إلى فوقها وراحت تلوّح فيه بين المزح والجد، حتى اصبح فكرة معقولة ومقبولة بل ومرغوبة في أوساط لإسرائيليين. إنهم لا يحتاجون سوى ذريعة مقنعة لتنفيذ هذه المؤامرة، وانتفاضة عنيفة من الداخل ستكون خير ذريعة، وقد يلجؤون إلى تأجيجها بأنفسهم، كما سبق وفعلوا عن طريق المستعربين والمندسين الذين يرمون الحجر الأول. 


التصعيد إلى مستوى الاحتكاك الجسدي بين الشباب العزل والجيش الإسرائيلي سيخلي الشارع من الجماهير، ليبقى فيها بعض الناشطين، فيسهل على الصهاينة التفرد بهم كما حصل في سنوات سابقة. بينما يحتاج إسقاط المخطط إلى حشد جماهيري واسع ونفس نضالي طويل. لا أعتقد أن المواجهة الدموية مع الصهاينة المسلحين هي ما سيجذب الجماهير الغفيرة للخروج من بيوتها والمرابطة على مفترقات الطرق.


إذا اتفقنا أن تواجد أكبر عدد ممكن من الناس في الشارع هو المطلوب، فعلينا أن نجد الوسائل لتحفيز الناس؛ ابتداء من رفع الوعي وانتهاء بالارتقاء بآليات النضال لتكون هبة شعبية ناضجة لتشمل جميع الفئات.  كما ويجب ألا نقلل من أهمية الإعلام والتأثير على الرأي العام الإسرائيلي والعالمي في هذه القضية. لا شيء يعفينا من ضرورة مضاعفة الجهود الإعلامية بالعبرية والإنجليزية في مواجهة البروباغاندا الإسرائيلية التي لا زالت تروّج لمخطط التهجير على أنه مخطط بريء لتنظيم توطين البدو.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق